معركة أحد :
سميت غزوة احد بسبب ارتباطها بجبل احد شمال المدينة المنورة وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام فيه (احد جبل يحبنا ونحبه)
وقد صعد عليه النبي صلى الله عليه وسلم وابوبكر وعمر وعثمان ووقعت المعركة عند سفحه .
أسباب المعركة :
لما انكسرت شوكة قريش في غزوة بدر ، كانت ثمة بواعث تدفعها للانتقام ، منها الحالة الاجتماعية فكانت النساء تنظر إلى رجالهم نظرة ازدراء لأنهم عادوا منكسرين ، وبدأت عزتهم تندثر بعدما سمعت العرب بهزيمتهم في غزوة بدر واسر رجالهم
ومن الناحية الأقتصادية لم تعد قريش تأمن على تجارتها إلى الشام بسبب مرورها قريبا من يثرب (المدينة المنورة)
هذا كله دفعهم إلى أن يثأروا إلى أنفسهم لحفظوا مكانتهم بين اهلهم على الصعيد الاجتماعي ، وبين العرب على الصعيد السياسي .
التحريض للثأر :
وعلى أثر هذا كانت مكة تحترق غيظا وبدأت تجيش نزعات الأنتقام والأخذ بالثأر وقرروا القيام بحرب شاملة يثأرون فيها لما اصابهم فجاءت بالفصحاء والشعراء حتى يحثوا الناس على دفع المال ليمولوا حربهم ، وفي ذلك أنزل الله تعالي: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: 36].
وعملوا على جمع الناس واعلنوا النفير حتى بلغ عددهم ثلاثة ألاف رجل من قريش ومن الأحباش وكنانة ، ورأى قادة قريش أن يستصحبوا معهم النساء حتى يكون ذلك أبلغ في استماتة الرجال دون أن تصاب حرماتهم وأعراضهم، وكان عدد هذه النسوة خمس عشرة امرأة .
جيش المشركين :
أستكملت قريش عدتها وعتادها ، فكانوا ثلاثة ألاف مقاتل معهم ثلاثة ألاف بعير ، ومائتا فرس ، وسبعمائة درع ، وكان على رأس الجيش أبوسفيان بن حرب ، وخالد بن الوليد قائدا للفرسان فلما استكملوا ، احركوا إلى المدينة لمواجهة المسلمين .
جيش المسلمين :
أرسل العباس بن عبد المطلب خبرا إلى النبي عليه الصلاة والسلام يخبره بخروج قريش وبعددهم وعتادهم ، وكان العباس في مكة قد أسلم وكتم إسلامه .
وصل الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وجمع النبي بعض الصحابة وأخبرهم بالأمر ، واستنفر المسلمون في المدينة وخرجت الدوريات لتستكشف الطريق وتأتي بالأخبار ، خلال هذا كانت قريش قد أقتربت من المدينة وعسكر جيشها عند جبل أحد .
عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلساً استشارياً مع الصحابة ، تبادل فيه الرأي لاختيار الموقف، وأخبرهم عن رؤيا رآها، قال: (إني قد رأيت والله خيراً، رأيت بقراً يذبح، ورأيت في ذُبَاب سيفي ثُلْماً، ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة)، وتأوّل البقر بنفر من أصحابه يقتلون، وتأول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته، وتأول الدرع بالمدينة ، وأشار عليهم أن لايخرجوا من المدينة ويبقوا فيها متحصنين ، أما الذين تخلفوا عن غزوة بدر كان رأيهم أن يخرجوا لمقابلت الجيش عند أحد ، وتنازل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رأيه مراعاة لهؤلاء المتحمسين، واستقر الرأي على الخروج من المدينة، واللقاء في الميدان .
صلى النبي صلى الله عليه وسلم بالناس يوم الجمعة، فوعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد، وأخبر أن لهم النصر بما صبروا، وأمرهم بالتهيؤ لعدوهم ، ثم دخل بيته، ومعه صاحباه أبو بكر وعمر، فعمماه وألبساه، فتدجج بسلاحه و لبس درعا فوق درع وتقلد السيف، ثم خرج على الناس.
كان الناس ينتظرون خروجه، وقد قال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن حضير: استكرهتم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخروج فردوا الأمر إليه،فندموا جميعاً على ما صنعوا، فلما خرج قالوا له: يا رسول الله،ما كان لنا أن نخالفك فاصنع ما شئت، إن أحببت أن تمكث بالمدينة فافعل. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما ينبغي لنبي إذا لبس لأْمَتَه ـ وهي الدرع ـ أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه) .
أنطلق المسلمون وكان عددهم ألف مقاتل ، وعندما وصلوا إلى منطقة يقال لها الشيخان ، رد من استصغره ولم يره مطيقا للقتال ،
وهناك تمرد عبد الله بن أبي المنافق، فانسحب بنحو ثلث العسكر ـ ثلاثمائة مقاتل ـ قائلاً: ما ندري علام نقتل أنفسنا ؟
وكاد المنافق ينجح في تحقيق بعض ما كان يهدف إليه من تخذيل لجيش المسلمين ، فقد همت طائفتان بنو حارثة من الأوس، وبنو سلمة من الخزرج أن تفشلا، ولكن الله تولاهما، فثبتتا بعدما سرى فيهما الاضطراب، وهمتا بالرجوع والانسحاب، وعنهما يقول الله تعالي: {إِذْ هَمَّت طَّآئِفَتَانِ مِنكُمْ أَن تَفْشَلاَ وَاللهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} [آل عمران: 122] .
بداية المعركة :
عسكر المسلمون عند أحد ، وهناك أختار فصيلة من الرماة الماهرين، قوامها خمسون مقاتلاً ، وأمرهم بالتمركز على جبل عرف فيما بعد بجبل الرماة ، وقد قال لقائدهم: (انضح الخيل عنا بالنبل، لا يأتونا من خلفنا، إن كانت لنا أو علينا فاثبت مكانك، لا نؤتين من قبلك) وقال للرماة: (احموا ظهورنا، فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا، وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا)، وفي رواية البخاري أنه قال: (إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا مكانكم هذا حتى أرسل إليكم، وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطأناهم فلا تبرحوا حتى أرسل إليكم).
استبسال المسلمين :
كانت روح الإيمان قد سادت صفوف المسلمين، فانطلقوا خلال جنود الشرك انطلاق الفيضان تتقطع أمامه السدود ، وأقبل أبودجانة أخذا بسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم منطلقا يخترق صفوف المشركين لايثنيه أحد ، وأخرج عصابة حمراء فعصب بها رأسه وقال : أنا الذي عاهـدني خليلي ونحـن بالسَّفْح لدى النَّخِيل
ألا أقوم الدَّهْرَ في الكَيول أضْرِبْ بسَيف الله والرسول
وكان حمزة بن عبد المطلب يقاتل قتال الأسود ، فقد انطلق نحو راية المشركين فقتل منهم مقتلة عظيمة حتى أستشهد على يد وحشي الذي كان غلاما لجبير بن مطعم .
نزول الرماة ومخالفة أمر رسول الله :
بينما كان المسلمون يسطرون اروع البطولات كما فعلوا في بدر ، قام أغلبية فصيلة الرماة بترك مواقعهم حيث غلبت عليهم حب الدنيا وقتها عندما شاهدوا أن المسلمين ينتهبون غنائم العدو ، والتحقوا بالجيش لجمع الغنائم تاركين مواقعهم وانكشف ظهر المسلمين ، وقد تفطن لهم خالد بن الوليد الذي كان في جيش المشركين والتف عليهم وقتل من تبقى من الرماة على الجبل ، فاضطربت صفوف المسلمين وقتل منهم الكثير وأحاط المشركون بالمسلمين من جميع الاتجاهات حتى كادوا أن يصلوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولكن استبسال الصحابة رضي الله عنهم في الدفاع عن النبي منعهم من ذلك ، ثم صعد المسلمون إلى شعب في الجبل ، وارتحل الكفار إلى مكة .
نتائج المعركة :
انتهت المعركة بفوز المشركين ، وقد أستشهد سبعين من الصحابة رضي الله عنهم بينهم حمزة رضي الله عنه وقد قتله وحشي الذي كان عبدا وقد عرف عند العرب أن العبيد لايدخلون القتال ، وكان لمخالفة الرماة أوامر رسول الله صلى الله عليه وسلم السبب في خسارة المعركة بعد نزولهم من على جبل الرماة واستعجالهم النصر وللحصول على الغنائم عندما كانت الكفة في صالح المسلمين ، وقد تفطن لهم خالد بن الوليد الذي كان في جيش المشركين والتف عليهم .
مواضيع ذات صلة :
تعليقات
إرسال تعليق