مفهوم المقاطعة
كما هو معروف فإن المقاطعة هي أسلوب من أساليب أهل البغي والعدوان ، وهو لخنق فئة او جماعة والضغط عليهم لفعل مايطلب منهم او للتراجع عن أمر ما ، وهذا ما حدث مع الرسول صلى الله عليه وسلم .
مفاوضات قريش مع الرسول
أرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا
من وجهائها ليعرضوا عليه اجمل امرأة ليتزوجها ، او أن يكون زعيماً لهم لايقطعون امراً دونه او ليكون اغناهم مالاً
فقال عليه الصلاة والسلام لعمه ابوطالب : والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي على أن أترك هذا الأمر ماتركته حتى يظهره الله او أهلك دونه .
ومن الذي قاله لهم : ماجئتكم بما جئتكم به اطلب أموالكم ولا الشرف فيكم ولا الملك عليكم ولكن الله بعثني إليكم رسولاً وأنزل عليّ كِتابه وأمرني أن اكون لكم بشيرًا ونذيرًا فبلغتكم رسالات ربي ونصحت لكم فإن تقبلوا مني ماجئتكم به فهو حظكم في الدنيا والأخرة وإن تردوا علي اصبر لأمر الله حتى يحكم الله بيني وبينكم .
فائدة:
وهنا نستنتج من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم أن الإنسان مُخير في كل الأمور ، يقبل او يرفض ولكن مع الإيمان هو مخير بشكل مؤقت فإما أن يؤمن في الوقت المناسب وينتفع بالإيمان ، وإما أن يؤمن بعد فوات الأوان فلا ينفعه الإيمان وقتها كما آمن فرعون حينما أدركه الغرق قال أمنت بما أمنت به بنو إسرائيل
فرد عليه الله عز وجل :{آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ} صدق الله العظيم .
وقال الله عز وجل :{يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ} صدق الله العظيم ...
كُل هذهِ المُساومات لم تُجدي مع قريش لإقناع النبي في تركِ الدعوة وأمر الدين .
فعرضوا عليه مساومة أخرى ، قالوا يامحمد نعبد ربك وتعبد الهتنا فنزلت سورة الكافرون ترد عليهم :
قال الله عز وجل :{قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ * لَا أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ * وَلَا أَنْتُمْ عَابِدُونَ مَا أَعْبُدُ * لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ } صدق الله العظيم .
فائدة:
وهنا نفهم من النبي صلى الله عليه وسلم أن الحق لايقبل المساومة وأنه لايوجد بين الحق والباطل إلا الباطل ولاينزل الحقُ قدر أصبع إلا خرج من صفته ، وأن المؤمن يمكنه التعايش مع الطرف الأخر دون أن ينزل عن حقه :
{فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} صدق الاه العظيم .
وقال تعالى :{لَّا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} صدق الله العظيم .
أستمرت المساومة فعرضوا عليه ان يبدل القرآن
فكان رد رسول الله عليهم
{قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِن تِلْقَاءِ نَفْسِي ۖ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَىٰ إِلَيَّ ۖ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ} صدق الله العظيم .
وفي آية ثانية : {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا} صدق الله العظيم
فائدة :
وهذا ما نشاهده الأن فيُطلب من المسلمين حذف أيآت أهل الكتاب وأيآت اليهود والجهاد ، على الاقل انها لاتدخل في مناهج التدريس ولا في البرامج الدينية او التعليمية .
فلما رأت قريش صمود النبي في وجه كل التحديات ورفضه كل المغريات وصلابته في كل مرحلة ، ازدادت شبهتهم في كونه رسول من الله ، فقرروا أن يتصلوا باليهود حتى يتأكدوا من أمره .
ذهبوا إلى اليهود في المدينة وقصوا على أحبارهم الخبر .
فقالوا لهم : سلوه عن ثلاث فإن أخبر فهو نبي مرسل وإلا فهو متقول
قالوا سلوه عن فتية ذهبوا في الدهر الأول ماكان من أمرهم فإن لهم حديثًا عجبًا
وسلوه عن رجل طواف بلغ مشارق الارض ومغاربها ما كان نبؤه
وسلوه عن الروح ماهي .
فرجعت قريش وسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأمور الثلاثة .
فنزلت بعد ثلاثة أيام سورة الكهف {نَّحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُم بِالْحَقِّ ۚ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى} صدق الله العظيم .
ونزل الجواب عن الروح : {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ ۖ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قليلا} صدق الله العظيم .
وجاوبهم عن ذي القرنين {وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا} صدق الله العظيم .
مقاطعة الرسول صلى الله عليه وسلم
وبعد كل هذه المحاولات اليائسة البائسة قررت قريش مقاطعة النبي صلى الله عليه وسلم ،
ولكن قبل مقاطعته عرضوا على ابوطالب أن يسلم رسول الله لهم ليقتلوه وإلا قاطعوا بني هاشم جميعًا ..
ثم اجتمعوا في مكان وتحالفوا على بني هاشم وعبد المطلب
ان لايناكحوهم ولايبايعوهم ولايجالسوهم ولايخالطوهم ولايدخل بيوتهم ولا يكلموهم
حتى يسلموا إليهم رسول الله ليقتلوه وكتبوا في ذلك صحيفة فيها عهودهم ومواثيقهم الا يقبلوا من بني هاشم صلحًا أبدا
قال ابن القيم : كتبها منصور بن عكرمة بن عامر بن هاشم
فدعى عليه النبي صلى الله عليه وسلم فشلت يده وعلقت الصحيفة في جوف الكعبة .
فنحاز بنو هاشم والمطلب كافرهم ومؤمنهم إلى شعب ابي طالب إلا ابو لهب وكان ذلك في السنة السابعة للبعثة ويوجد اقوال اخرى في الوقت .
مواضيع ذات صلة :
حصار شعب أبي طالب
بعثة الرسول صل الله عليه وسلم
مواضيع ذات صلة :
حصار شعب أبي طالب
بعثة الرسول صل الله عليه وسلم
تعليقات
إرسال تعليق