الهجرة النبوية إلى يثرب :
لم تكن هجرة المدينة هي اول هجرة فقد سبقها هجرة المسلمين إلى الحبشة ومكثوا فيها وقتا وهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف .
تاريخ الهجرة إلى يثرب :
الهجرة النبوية هي بداية التاريخ الهجري 1 هجري الموافق 622 ميلادي ، وكانت بعد ثلاث عشرة سنة من بعثة النبي والدعوة في مكة ،
وكما ورد عن ابن إسحاق أن الهجرة النبوية كانت في السابع والعشرين من شهر صفر من السنة الرابعة عشر من بعثة النبي عليه الصلاة والسلام ، ووصوله إلى يثرب (المدينة المنورة) كان في الثاني عشر من شهر ربيع الأول .
تعريف الهجرة النبوية :
الهجرة في الإسلام هي ان يهجر الإنسان بلده من بلد إلى بلد أخر والعلة في ذلك أن يهجر المعصية او الكفر الموجود في تلك البلد جاء في حديث عبد الله بن عمر عن رسول الله قال : ( المهاجر من هجر ما نهى الله عنه ) .
وهذا ما حدث في مكة فكانت كفار قريش تمنع من أسلم من عبادة الله عز وجل وحده ولهذا أمر النبي عليه الصلاة والسلام من كان معه أن يهاجروا .
هجرة النبي :
الهجرة النبوية هي انتقال النبي محمد صلى الله عليه وسلّم من موطنه مكة المكرّمة إلى المدينة المنورة، والاستقرار فيها، وتأسيس الدولة الإسلامية.
أسباب الهجرة النبوية من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة :
أجتماع قريش لقتل النبي
أجتمع سادات مكة في دار الندوة في يوم الخميس 26 من شهر صفر سنة 14 من النبوة ، واتفقوا على رأي أبوجهل : قال: أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابًا جليدًا نَسِيبا وَسِيطًا فينا، ثم نعطى كل فتى منهم سيفًا صارمًا، ثم يعمدوا إليه، فيضربوه بها ضربة رجل واحد، فيقتلوه، فنستريح منه، فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعًا، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا، فرضوا منا بالعَقْل، فعقلناه لهم.
وممت ميز هذا الأجتماع أنه كان سريا ، ولاتبدو عليه أي حركة تخالف اليوميات حتى لايشتم أحد رائحة التأمر والخطر ،
ولكن الله اخبر نبيه بما يكيدون له فقد نزل جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم بوحى من ربه تبارك وتعالى فأخبره بمؤامرة قريش، وأن الله قد أذن له في الخروج .
ايذاء المسلمين
صدّ المشركين في مكة عن الإسلام، وعدم تقبلهم لهذا الدين الجديد، والبقاء على عبادة الأوثان والأصنام. تعرّض النبي صلى الله عليه وسلّم إلى المحن والإيذاء لإقناعه وإجباره بالعدول عن دعوته، فلم يترك المشركون طريقةً إلّا واتبعوها ليترك النبيُّ الرسالة؛ فأغروه بالمال، والجاه، والمنصب، ثم أخذوا يتبعون أسلوب التعذيب والاستهزاء والمضايقة ولكن من غير جدوى. التنكيل بكلِّ من آمن مع النبي من الصحابة، وإذاقتهم صنوف العذاب المُختلفة لإجبارهم على الكفر مرةً أخرى.
فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم ضعيفا ولكن عمه أبوطالب كان يمنعه ويحميه من أذى قريش ، فكان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماهو فيه من منعة بين قومه وأحاد المسلمين معرضين للأذى والتنكيل والتعذيب ولايملك أن يحميهم او يرد عنهم الأذى .
الحرص على نشر الدعوة
كان رفض قريش للدين والبقاء على ماهي عليه هو احد اسباب الهجرة إلى المدينة للبحث عن مكان للدعوة ولاسيما ان اهل المدينة هم من أقبل على الدعوة ويتمثل ذلك بيعة جماعة من الخزرج في موسم الحج بعد ان قابلهم الرسول صلى الله عليه وسلم ودعاهم للإسلام وتمت البيعة التي سميت بيعة العقبة .
الأستعداد للهجرة إلى يثرب :
ذهب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه بعد أن اخبره جبريل بما تكيده قريش ، ليبرم معه مراحل الهجرة، تقول عائشة رضي الله عنها: بينما نحن جلوس في بيت أبي بكر في نحر الظهيرة، قال قائل لأبي بكر: هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعًا، في ساعة لم يكن يأتينا فيها، فقال أبو بكر: فداء له أبي وأمى، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمر ، تقول فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم.، فاستأذن،فأذن له فدخل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: [أخرج مَنْ عندك]. فقال أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله . قال: [فأني قد أذن لى في الخروج]، فقال أبو بكر: الصحبة بأبي أنت يا رسول الله ؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: [نعم] ، ثم اتفقوا على الخطة التي وضعوها للهجرة ورجع النبي عليه الصلاة والسلام إلى بيته ينتظر مجىء الليل .
محلة قريش قتل النبي
اختارت قريش أحد عشر شخصا لهذه المهمة ، وكان من عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينام في أوائل الليل بعد صلاة العشاء، ويخرج بعد نصف الليل إلى المسجد الحرام، يصلي فيه قيام الليل، فأمر عليًا رضي الله عنه تلك الليلة أن يضطجع على فراشه، ويتسجى ببرده الحضرمي الأخضر، وأخبره أنه لا يصيبه مكروه ، فلما كانت عتمة من الليل وساد الهدوء، ونام عامة الناس جاء المذكورون إلى بيته صلى الله عليه وسلم سرًا، واجتمعوا على بابه يرصدونه ، فكانوا على ثقة ويقين جازم من نجاح هذه المؤامرة ، فباتوا متيقظين ينتظرون خروج النبي من بيته ليقتلوه .
خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت، واخترق صفوفهم، وأخذ حفنة من البطحاء فجعل يذره على رءوسهم، وقد أخذ الله أبصارهم عنه فلا يرونه، وهو يتلو: {وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ} [يس:9]. فلم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابًا، ومضى إلى بيت أبي بكر .
طريق الهجرة إلى يثرب :
غادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيته في ليلة 27 من شهر صفر سنة 14 من النبوة، الموافق 12/13 سبتمبر سنة 622م. وأتى إلى دار ابي بكر الصديق وخرجا من مكة على عجل وقبل أن يطلع الفجر
ولما كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أن قريشًا سَتَجِدُّ في الطلب، وأن الطريق الذي ستتجه إليه الأنظار لأول وهلة هو طريق المدينة الرئيسي المتجه شمالًا، فسلك الطريق الذي يضاده تمامًا، وهو الطريق الواقع جنوب مكة، والمتجه نحو اليمن، سلك هذا الطريق نحو خمسة أميال حتى بلغ إلى جبل يعرف بجبل ثَوْر وهو جبل شامخ، وَعِر الطريق، صعب المرتقى، ذو أحجار كثيرة، فحفيت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل: بل كان يمشى في الطريق على أطراف قدميه كى يخفي أثره وصعدا إلى قمة الجبل إلى الغار الذي يعرف بغار ثور .
بقيا في الغار مدة ثلاثة ليال ، وكان عبد الله بن أبي بكر يبيت عندهما. قالت عائشة: وهو غلام شاب ثَقِف لَقِن، فيُدْلِج من عندهما بسَحَرٍ، فيصبح مع قريش بمكة كبائت، فلا يسمع أمرًا يكتادان به إلا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام ، وكان عامر بن فهيرة مولى أبو بكر يتبع بغنمه أثر عبد الله بن أبي بكر بعد ذهابه إلى مكة ليُعَفي عليه.
أما قريش فقد جن جنونها حينما تأكد لديها إفلات رسول الله صلى الله عليه وسلم صباح ليلة تنفيذ المؤامرة. فسألوا علي بن أبي طالب عن رسول الله فلم يحصلوا على جواب عنه وجاءوا إلى بيت أبي بكر وقرعوا بابه، فخرجت إليهم أسماء بنت أبي بكر، فقالوا لها: أين أبوك؟ قالت: لا أدرى والله أين أبي؟ فـرفع أبو جهل يـده ـ ولطم خـدها لطمـة طـرح منها قرطها.
وأرسلوا من يتبع اثرهم في كل مكان وجهة ووضعوا مكافأة ضخمة قدرها مائة ناقة بدل كل واحد منهما لمن يعيدهما إلى قريش حيين أو ميتين .
عناية الله برسوله :
أنتشر الفرسان والمشاة وقصاص الأثر في الطلب، وانتشروا في الجبال والوديان، والوهاد والهضاب وقد وصل المطاردون إلى باب الغار ، روى البخاري عن أنس عن أبي بكر قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في الغار، فرفعت رأسى فإذا أنا بأقدام القوم، فقلت: يا نبي الله ، لو أن بعضهم طأطأ بصره رآنا. قال: [اسكت يا أبا بكر، اثنان، الله ثالثهما]، وفي لفظ: [ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما] و رجع المطاردون حين لم يبق بينه وبينهم إلا خطوات معدودة .
طريق الهجرة إلى المدينة :
تهيأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه للخروج إلى المدينة ، بعد أن خمدت نار الطلب، وتوقفت أعمال دوريات التفتيش، وهدأت ثائرات قريش ، وقد استأجرا رجل عربي ماهرا بالطريق وكان على دين كفار قريش، وأمناه على ذلك، وسلما إليه راحلتيهما، وواعداه غار ثَوْر بعد ثلاث ليال براحلتيهما، فتقابلوا بعد ثلاثة ايام ثم ارتحلا وأخذ بهم الدليل ـ عبد الله بن أريقط ـ على طريق السواحل.
في رواية عن أبي بكر قال: ارتحلنا والقوم يطلبوننا، فلم يدركنا منهم أحد غير سراقة بن مالك بن جُعْشُم، على فرس له، فقلت: هذا الطلب قد لحقنا يا رسول الله ، فقال: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ الله َ مَعَنَا} [التوبة:40]. فرجع سراقة فوجد الناس في الطلب فجعل يقول: قد استبرأت لكم الخبر، قد كفيتم هذه الجهة .
وفي يوم الاثنين 8 ربيع الأول سنة 14 من النبوة ـ وهي السنة الأولى من الهجرة ـ الموافق 23 سبتمبر سنة 622م نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء.وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء أربعة أيام: الاثنين والثلاثاء والأربعاء والخميس. وأسس مسجد قباء وصلى فيه، وهو أول مسجد أسس على التقوى بعد النبوة ، سار النبي صلى الله عليه وسلم بعد الجمعة حتى دخل المدينة ـ ومن ذلك اليوم سميت بلدة يثرب بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم .
نتائج الهجرة النبوية إلى يثرب :
نتج عن الهجرة العديد من التحولات المفصلية في التاريخ ومن نتائج هذه الهجرة :
تأسيس الدولة الإسلامية .
تأسيس نواة لدولة قوية تقيم الحق وخصوصا بوجود رجال مثل الصحابة وهم نخبة درسوا وتعلموا على عين الرسول صلى الله عليه وسلم ، فلم يكن معنى الهجرة التخلص والفرار من الفتنة فحسب، بل كانت الهجرة تعنى مع هذا تعاونًا على إقامة مجتمع جديد في بلد آمن، ولذلك أصبح فرضًا على كل مسلم يقدر على الهجرة أن يهاجر ويسهم في بناء هذا الوطن الجديد، ويبذل جهده في تحصينه ورفعة شأنه.
المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار .
أخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار في دار أنس بن مالك، وكانوا تسعين رجلًا، نصفهم من المهاجرين، ونصفهم من الأنصار، أخي بينهم على المواساة، ويتوارثون بعد الموت دون ذوى الأرحام إلى حين وقعة بدر، فلما أنزل الله عز وجل: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ} [الأنفال: 75] رد التوارث إلى الرحم دون عقد الأخوة.
ومعنى هذا الإخاء أن تذوب عصبيات الجاهلية، وتسقط فوارق النسب واللون والوطن، فلا يكون أساس الولاء والبراء إلا الإسلام.
الدعوة ونشر الإسلام في كافة الأرض .
كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام ، واختار من أصحابه رسلا لهم معرفة وخبرة وأرسلهم إلى الملوك فقد كتب إلى النجاشي ملك الحبشة
وإلى المقوقس ملك مصر
وإلى كسرى ملك فارس
وإلى قيصر ملك الروم
وإلى المنذر بن سَاوِي
وإلى هَوْذَة بن على صاحب اليمامة
وإلى الحارث بن أبي شَمِر الغساني صاحب دمشق
وإلى ملك عُمَان
تعليقات
إرسال تعليق