التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الخندق وغزوة الأحزاب

الخندق وغزوة الأحزاب :

الأحزاب هو اسم قرأني قال الله عز وجل : (وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلاَّ إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ) صدق الله العظيم .
والخندق هو اسم تاريخي وذلك لأن الصحابة رضي الله عنهم ، حفروا خندقا حول المدينة ، يردون فيه دخول خيل قريش وفرسانها إلى المدينة المنورة (يثرب) . 
وهي غزوة وقعت بين في شهر شوال من السنة الخامسة للهجرة ، وكانت بين المسلمين في المدينة من جهة وقريش ومعها العرب واليهود .

أسباب غزوة الأحزاب :

كان النبي صلى الله عليه وسلم قد قد وضع العهود والمواثيق مع جميع الفئات الموجودة في المدينة وعلى رأسهم قبائل اليهود ، فجعل أهل المدينة شعبا واحدا ، إلا أن يهود بني النضير خانوا العهد بعد قبولهم به وهموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم ، مما اضطر المسلمين لمحاصرتهم ونفيهم إلى خيبر .

هدأت جزيرة العرب ، وأصبح للمسلمين شوكة وهيبة ، وهذا ما كان يزعج اليهود الذين كانوا يراقبون المناوشات بين المسلمين والعرب المشركين ، فلما رأوا أن الأمور قد هدأت بعد الحروب التي كانت ، عملوا على التأمر ودس الدسائس ، فخرج عشرون رجلا من سادات بني النضير الذين أجلاهم النبي عليه الصلاة والسلام إلى خيبر  فذهبوا إلى مكة يقصدون قريش ، فحرضوهم على غزو النبي صلى الله عليه وسلم ، ووعدوهم بالوقوف معهم وبنصرتهم .

ثم خرجوا إلى غطفان فدعوهم إلى ما دعوا  إليه قريشاً فاستجابوا لذلك، ثم طافوا في قبائل العرب يدعوهم إلى ذلك فاستجاب لهم من استجاب، وهكذا نجح ساسة اليهود وقادتهم في تأليب أحزاب العرب المشركين على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين‏ .

حشود المشركين : 

بدأت الجيوش المتجه لقتال المسلمين بالخروج من كل جهة ، من قريش وكنانة وحلفاؤهم من أهل تهامة وعلى رأسهم أبوسفيان ،ومن الشرق قبائل غطفان‏:‏ بنو فَزَارة، يقودهم عُيينَة بن حِصْن، وبنو مُرَّة، يقودهم الحارث بن عوف، وبنو أشجع، يقودهم مِسْعَر بن رُحَيلَةِ، كما خرجت بنو أسد وغيرها‏.‏ ثم اتجهت هذه الأحزاب وتحركت نحو المدينة على ميعاد كانت قد تعاقدت عليه‏ .

حفر الخندق :

بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن العرب كلها قد تجمعت والأحزاب قد خرجت تريد قتاله ، أخذ المسلمين الأمر بمنتهى الجدية، وبدءوا يفكرون في الأزمة القادمة بإيجابية، وكان أول ما فعلوه تكوين (مجلس الشورى)، هكذا تكون البداية الصحيحة ،عقد مجلس الشورى، مجلس من المهاجرين القرشيين والأنصار الأوس والخزرج، وغيرهم من القبائل المختلفة، بل إن فيهم من ليس عربيًا أصلا مثل بلال الحبشي ومثل سلمان الفارسي رضي الله عنهما وهنا تتجلى عظمة الدين الإسلامي، ونلاحظ هنا كيف تتراكم الخبرات داخل الأمة الواحدة نتيجة تجميع كل العناصر والقبائل والأجناس والبلاد تحت راية واحدة.قال سلمان: يا رسول الله، إنا كنا بأرض فارس إذا حوصرنا خندقنا علينا. سمع رسول الله وصحابته الفكرة فأعجبتهم، وعلى الفور ظهر الحسم وعدم التردد، فأخذوا قرارهم مباشرة بالبدء بحفر الخندق. وفعلاً كانت فكرة ممتازة، وعلى وجه السرعة أخذ رسول الله مجموعة من الصحابة، وتفقد أطراف المدينة، ليحدد المكان الملائم لحفر الخندق، آخذًا بكل الأسباب، ووجد أن لشرق المدينة المنورة وغربها حماية طبيعية، وهي مرتفعات الحرة الشرقية والغربية، وكذلك كان جنوب المدينة محميًّا بغابات طبيعية وأحراش، فلم يتبق إلا منطقة الشمال ومنطقة الجنوب الشرقي، وفي الأخيرة ديار بني قريظة، وهم إلى الآن على العهد مع رسول الله، والعهد لا يقضي فقط بعدم معاونة قريش، بل يقضي أيضًا بالدفاع المشترك مع المسلمين عن المدينة المنورة، إذا دهمها عدو، أيًا كان هذا العدو؛ لذلك أرسل رسول الله لهم رسالة؛ ليؤكد العهد معهم، فأكدوا العهد، وتأكيدهم للعهد مهم جدًّا؛ لأن دخول جيوش المشركين من خلالهم قد ينتج عنه إنهاء الوجود الإسلامي تمامًا، واستئصال شعب المسلمين بكامله.


صعوبات في حفر الخندق 

كان القرار قد تم اتخاذه بسهولة ويسر، إلا أن تنفيذه يُعدُّ مما يقارِبُ المستحيل؛ فمشروع حفر الخندق مشروع لا يتخيله عقل أبدًا؛ ذلك أن عمق الخندق يبلغ خمسة أمتار، بينما يصل عرضه في أقل التقديرات إلى خمسة أمتار أيضًا (بعض التقديرات تذهب به إلى 10 و12 مترًا)، ويبلغ طوله اثني عشر كيلو مترًا. وهذه الأبعاد تدل على أن الأرض المفروض حفرها يبلغ حجمها 300 ألف متر مكعب!!

ولكي نتصور هذا الجهد المبذول لحفر هذا الخندق العظيم قمت باستطلاع آراء العديد من المهندسين فأصابنا جميعًا الذهول! لأن أفضل عامل اليوم، لا تتعدى قدرته على الحفر في اليوم الواحد خمسة أمتار مكعبة، هذا إذا كانت الأرض التي يحفرها أرضًا رملية، وبعمق متر واحد فقط، وكلما زاد العمق قلَّت قدرة العامل على الحفر.
وهكذا فإن مشروعًا كحفر الخندق لا يمكن للبشر أبدًا أن يتموه، ولكن الله إذا أراد أعانهم على ذلك، وذلل لهم كل الصعاب، سواء بأيديهم أو بمدد من الملائكة، أو جنود لم يروها، ولكن هذا واقع نراه، ونشعر به إلى يوم القيامة، ما دام هناك أقوام يستحقون نصر الله ، آخذين بأسباب النصر ذاك.

وهكذا تم حفر الخندق العملاق، تم هذا المشروع الجبار، وهنا يحق لنا أن نقف وقفة.

الأحزاب 

خرج النبي -صلى الله عليه وسلم- من المدينة بعد الانتهاء من حفر الخندق، بجيشه المكون من ثلاثة آلاف مقاتل تسكروا خلف الخندق، وعندما وصل جيش الاحزاب إلى مشارف المدينة وجدوا الخندق أمامهم فدهشوا وتعجبوا، وعرفوا بأنَّهم لن يستطيعوا اجتياز الخندق بسهولة، فقرروا البقاء لحصار المسلمين ومحاولة الاختراق والهجوم، وبدأوا برمي السهام على المسلمين، ولكن كل محاولاتهم باءت بالفشل، فقد كان المسلمون يحرسون الخندق جيداً ويمنعون أي محاولة لاجتيازه

اليهود ينقضون العهد 

نقض بنو قريظة العهد الذي بينهم وبين النبي -صلى الله عليه وسلم- ومزقوا الصحيفة، بعد أن ذهب إليهم حيي بن أخطب وأقنعهم بذلك بتوجيه من أبي سفيان، فلما وصل الخبر إلى المسلمين عظم عليهم الأمر وبدأ الخوف يغزو قلوبهم، وبدأ المنافقون يتكلمون ويطعنون في صدق النبي -صلى الله عليه وسلم- فاشتدَّ البلاء على المسلمين، وقد وصف القرآن حالتهم تلك بأبلغ وصف في قوله -تعالى-: {إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بالله الظُّنُونَا * هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا} وأرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- قرابة خمسمائة مقاتل من جيشه إلى المدينة لحراستها من غدر اليهود، وأخذ يقوي عزائم المؤمنين ويبشرهم بالنصر

نتيجة غزوة الأحزاب

بعد قرابة شهر من الحصار والمناوشات والمكائد والخيانات، تبددت آمال الكفار والمشركين، وخابت مساعيهم، وهُزموا شر هزيمة، واستجاب الله -تعالى- دعاء نبيَّهُ: (اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الكِتَابِ، سَرِيعَ الحِسَابِ، اهْزِمِ الأحْزَابَ، اللَّهُمَّ اهْزِمْهُمْ وزَلْزِلْهُمْ)
فأرسلَ على الأحزاب ريحاً شديدةً اقتلعتهم من جذورهم في أحلك الليالي وأقساها عليهم، وأنزل ملائكته تزلزلهم وتبثُّ الرعب في قلوبهم حتى اندحروا خائبين، ونصرَ الله -تعالى- نبيَّهُ والمؤمنين من دون قتال، قال -تعالى-: {وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}







تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنا ركن الإسلام .. أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد

أنا ركن الإسلام .. أنا الفارس الصنديد أنا خالد بن الوليد أنا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم - خالد بن الوليد مخاطبا الروم قبل معركة اليرموك خالد بن الوليد هو القائد الفذّ الذي خُلِّد اسمه كأفضل القادة العسكريين في التاريخ خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي، وُلد في مكة سنة 30 قبل الهجرة، وكان يُكنى بأبي سليمان، وكان والده الوليد بن مغيرة أحد سادات قريش، ذوي المال والنفوذ والمكانة الاجتماعية والنسب الرفيع، وقد نشأ خالدٌ في بيت عزٍّ وترفٍ، وتعلَّم الفروسية وأساليب القتال منذ نعومة أظفاره وأظهر فيها براعةً عاليةً وذكاءً فريدًا وفِكرًا متميزًا عن أقرانه كافة حتى عُرف عنه بمقدرته على القتال في سيفين بكلتا يديه في آنٍ واحدٍ مما جعله فارسًا فرسان قريش، وفي هذا المقال سيتم التعرف على قصة إسلام خالد بن الوليد. خالد بن الوليد قبل الإسلام عندما بدأ الرسول -صلى الله عليه وسلم- بالدعوة إلى الدِّين الحق اختار خالدٌ البقاء على الشِّرك وعلى عبادة الأصنام والأوثان والدفاع عن قريشٍ في وجه الدِّين الجديد وأصحابه، لكنه لم يشهد غزوة بدرٍ وهزيمة قريشِ  فيها، وفي غزوة أُحدٍ كان ع...

لماذا تباع اللوحات الفنية بأسعار غالية جدا

لماذا تباع اللوحات الفنية بأسعار غالية جدا  لماذا تباع اللوحات بأسعار خيالية هل لأن الفن الموجود فيها يستحق كل هذه المبالغ !! طبعا غير منطقي لأن تحديد قيمة الفن الموجود في لوحة ما يختلف من شخص لأخر ثم انه لايوجد مقياس محدد لقياس قيمة اللوحة الفنية ، اي انها لاتقاس بالغرام كما هو الذهب ، ولا تقاس بالحجم فقد تجد الكثير من اللوحات رسمت من قبل فنانين عاديين أجمل وتحتوي على قيمة اكبر بكثير من لوحات بيعت بملايين الدولارات . فمثلا تم  لوحة الصرخة للفنان " ادفارت مونك " بلغ ثمنها 123 مليون دولار . ولوحة الصبي والغليون للرسام العالمي " بابلو بيكاسو " 130 مليون دولار . ولوحة امرأة للرسام " ويليام دي كونينج " 161 مليون دولار . ورقم 1938 للرسام " جاكسون بوللوك " 164 مليون دولار . لكن لماذا بيعت تلك اللوحات بمثل هذه الأسعار المريخيّة!؟ هذا سؤال صعب في الحقيقة، وهو من الأسئلة التي بقيت عالقةً في ذهني وتبحث عن حل هنا وهناك، واعتقد أنني وجدت عدداً من الأسباب التي تجعل من تلك اللوحات الفنية أغلى من منزلٍ في أفخم ...

خديجة بنت خويلد

خديجة بنت خويلد   نسب السيدة خديجة  هي خديجة بنت خويلد بن اسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان ، وخويلد هو جد الزبير بن العوام الله عز وجل شرع الزواج عموما ، والنكاح بإطلاق بمعنى انه من اعظم السنن وأجل المباحات . كان في مكة امرأة صاحبة نسب شريفة فاضلة ، اسمها خديجة بنت خويلد خديجة بنت خويلد كانت قد تزوجت مرتان مات الاول عنها ثم تزوجت الثاني ثم مات ايضا كانت السيدة خديجة صاحبة مال كثير ،  ترسل أموالها على أيدي التجار إلى البلاد للبيع والشراء وفي تلك الفترة سألت غلام لها اسمه ميسرة : من تعرف للذهاب بالملل للبيع والشراء ؟ أشار عليها بمحمد عليه الصلاة والسلام فأرسلته إلى رسول الله يستشيره في الذهاب بمال خديجة للتجارة في الشام . فقبل رسول الله بعرضها على أن تكون له نسبة في البيع والشراء ، وكانت قريش معروفة بالتجارة بين العرب وهم أهل تجارة كيف تزوج النبي صل الله عليه وسلم من خديجة  لما بعثت غلامها ميسرة مرافق لرسول الله صل ا...